ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد انخفضت مداخيل الميزانية بشكل كبير، نتيجة انخفاض أسعار النفط والغاز عالميًا، إلى جانب ضعف أداء الصادرات. هذا التراجع في الإيرادات تزامن مع تصاعد كبير في الإنفاق الحكومي، ما أدى إلى تضاعف العجز إلى مستوى غير مسبوق، لم تُسجله الجزائر منذ سنوات طويلة.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن هذه الأزمة تعكس هشاشة النموذج الاقتصادي الجزائري المعتمد على الريع الطاقي، حيث لم تنجح محاولات تنويع مصادر الدخل في خلق بدائل فعالة قادرة على امتصاص صدمات السوق النفطية. كما أن التوسع في الإنفاق، سواء على برامج الدعم أو مشاريع البنية التحتية غير المنتجة، ساهم في تعميق العجز وفاقم من صعوبة ضبط التوازنات المالية.
من جهته، نبّه بنك الجزائر إلى "مخاطر تدهور الوضع المالي"، مشيرًا إلى أن استمرار هذا الاتجاه قد يهدد استقرار الدينار الجزائري، ويدفع البلاد نحو خيارات صعبة مثل طبع النقود أو اللجوء إلى التمويل الخارجي، وهي سيناريوهات لطالما تجنبت السلطات الحديث عنها بشكل علني.
وتفتح هذه الأزمة الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات هيكلية حقيقية تُنهي الارتهان لعائدات المحروقات. وبينما تراهن الدولة على مشاريع الطاقة البديلة والتعاون الدولي، يرى الخبراء أن غياب رؤية اقتصادية واضحة ومتكاملة سيجعل أي حلول مؤقتة غير قادرة على معالجة جذور الأزمة.
في ظل هذا السياق، تدخل الجزائر مرحلة حرجة، حيث لم يعد تراجع العائدات النفطية هو الخطر الوحيد، بل إن استمرار السياسات المالية التوسعية دون دراسة كافية قد يزيد من هشاشة الاقتصاد ويهدد استقرار البلاد في المستقبل القريب.
0 comments :
إرسال تعليق